حلم غامض

November 5, 2006 at 7:27 am (Fragments, People, Pipedreams, دخان)

أعاني منذ فترة من الأرق, أو بمعنى أدق من اضطراب مواعيد النوم, قد أنام ساعة وأصحو, أو أنام عشر ساعات متصلة ولكن في منتصف اليوم. الإنطباع الذي خرجت به هو أن ساعتي البيولوجية قد حصلت بوسائلها الخاصة على زجاجة سميرنوف وأقامت حفلاً تعزف فيه عزفاً إنفرادياً على الكحول

إنني من هؤلاء الأشخاص الذين لا يتذكرون أحلامهم أبداً إلا إذا كتبوها لحظة الاستيقاظ, وهذا ما أفعله الآن. بالطبع فقدت معظم تفاصيل الحلم في أثناء صنع القهوة وإضافة المزيد من الدخان لسماء القاهرة

غموض الحلم يكمن في أنه كان عن أبي الذي فقدته وأنا في الخامسة من عمري, طوال تسعة عشر عاماً لم أحلم به إطلاقاً, أو على الأقل لا أتذكر أنني حلمت به

هنا يجب أن أقول شيئاً أو شيئين عن أبي, طوال أعوام كان هذا الرجل وثناً في عالمي, إله أصغر. تلخصت طموحاتي لفترة طويلة في أن أصير نسخة ثانية منه, كان هذا كافياً في رأيي لأن يكون نجاحاً ساحقاً في حياتي. بالفعل تشابهاتنا مريبة كما يقول من عاصروه. نفس الملامح, نفس الصوت, نفس أسلوب الكتابة, نفس الأفكار, نفس طريقة التدخين, نفس إدمان القهوة, نفس القيادة المتهورة التي أودت بحياته وتسببت لي في حادث منذ أسبوع

في الحلم كنت أحادثه هاتفياً, على رقم محمول وللدقة كان موبينيل

“موبينيل, تصلكم بالسماء, اشترك الآن”

أذكر كلمات متفرقة

“أنا عارفك أكتر مما تتخيل”

“يمكن عشان أنا شبهك بالظبط, الموضوع جينات مش معرفة”

“بطل كل اللي بتعمله, اخلع من الليلة دي كلها, اسمع الكلام”

“أبطل إيه؟”

انتهت المكالمة, وفي اللحظة التالية رأيته

إزداد نحولاً, شاب شعره قليلاً, وابتسامته الواسعة صارت ابتسامة مريرة بزاوية الفم

عانقني طويلاً, شممت رائحة عطره المفضل الذي هو بالصدفة عطري المفضل, واستيقظت

والآن, سؤال الحلقة

أبطل إيه؟

السؤال الثاني, ألا يفترض أن من يعانق ميت كأنما تلقى إنذاراً بموته هو شخصياً؟ هل هناك علاقة بين السؤالين فحب الراجل يعمل حركة شياكة معايا عشان أنقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن أصبح في عالم آخر لا علاقة له بهذا العالم إلا مكالمات الأحلام عبر شبكة موبينيل؟

مش مهم, بس مكنتش عايز أنسى الحلم ده

Permalink 8 Comments

العهد الآتي

September 24, 2006 at 3:18 pm (Fragments, Pipedreams, Random thoughts, دخان)

في البدء كانت, وكنت

في كوننا المتوحد نتبادل التكوين

فخُلقَت, وخلقت

وصارت لها الترانيم تتقدس في نظرات التوق

ونظرات التحريم

وصارت لها القصائد تتنزل بمحرابها أن ترضى

فقرأت, وكتبت

ولما كانت النطفة الأولى بيني وبينها

وحدت اسمها

وتوحدت

Permalink 7 Comments

أشياء صغيرة

September 10, 2006 at 1:24 pm (Fragments, Pipedreams, دخان)

هناك مزية واضحة لتكرار الأيام..

يغدو سهلاً أن تلحظ الفوارق بين التكرارات اليومية..

يوم الأحد مثلاً, هذا الأحد مماثل تماماً للأحد الماضي, نفس الجدول, نفس الخطوط العريضة, نفس حالتي المزاجية العامة, ولكن هناك أشياء صغيرة تختلف

قهوتي اليوم كانت أكثر مرارة.. أم أن المرارة كانت في فمي؟

السجائر ليست بسحرها المعتاد, لعله البرد مرة أخرى

لم تكن سيارتي بنفس نظافة الأسبوع الماضي

الصخب اليومي في المذياع لم يكن موسيقى أعشقها تحملني لشتاء مضى في سيناء, بل كانت نفس الموسيقى الراقصة التي مزجتها بالكحول وصورتها على أمل أن تتلاشى,

أشياء صغيرة

كل شيء يمكن أن يحلل لأشياء أصغر منه.. وهكذا تتضاءل الموجودات حتى تصير المعاني المجردة مجرد تداعيات لأشياء صغيرة غير مترابطة في ظاهرها

  لم لا يكون هذا الترابط الغريب بين الأشياء الصغيرة هو المعنى ذاته؟

فيكون الحب هو نظراتها القططية الحذرة حين لا تعرف فيم أفكر, أو سذاجتها حين تتذاكى علي, أو ضحكتها المجلجلة البريئة حيناً والماجنة حيناً

ويكون حزني في كل مرة أرى فيها شحاذ شارعنا الصغير هو أنه يشبهني في صغري وليس لأي اعتبارات إنسانية أعمق

ويكون عشقي للون الأسود هو كراهيتي الشديدة للأبيض في المستشفى والضمادة وشحوب الموتى والكفن 

إن كان كل شيء يحلل لأشياء صغيرة, كلها تتلاقى في ذاكرتنا وشخصياتنا ومفاهيمنا الذاتية عن الأشياء, أفلا يعني هذا أننا لا ندرك العالم من خلال أنفسنا؟

إذن فقد أحببت نفسي فيك وكرهتها, وبحثت عن نفسي في رؤوس كتاب النظريات وصلوات المؤمنين واستطراد الحشاشين بين خلق الدخان الأزرق والتكوين

واليوم, مازلت أجد نفسي وأفقدها بين الفينة والفينة

في تداعيات الأشياء الصغيرة

Permalink 9 Comments